إنه لاشكَّ شيء مفرح أن يُعطينا اللَّه ما نطلب، وأكثر من هذا أن يُعطينا فوق ما نطلب. ولكن أعمق الفرح هو أن يُعطينا اللَّه دون أن نطلب. وهذه عُمق الرعاية الإلهية، التي يهتم فيها اللَّه بخليقته. فيعطيها من فيض محبته، وليس لمُجرَّد الاستجابة لصلواتهم. وهذا الأمر واضح منذ البدء.
بديهي أن اللَّه خلق البشر دون أن يطلبوا. لأنهم لم يكونوا موجودين حتى يطلبوا الوجود. وبنفس جود اللَّه وكرمه خلق جميع الكائنات الأخرى العاقلة والجامدة، التي لها حياة والتي ليس لها. طبعاً دون أن تطلب. لقد خلقها كلها من العدم، والعدم ليس له كيان لكي يطلب. ونحن كبشر حينما خلقنا اللَّه، وهبنا العقل والضمير دون أن نطلب. وأعطانا السُّلطة على كثير من الكائنات ومن الطبيعة دون أن نطلب. وأبونا آدم وهبه اللَّه حواء دون أن يطلب. كذلك لكي تكون مُعينة له في الأرض.